الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: مزيد النعمة لجمع أقوال الأئمة ***
أجمعوا على أن الصيام أحد أركان الإسلام واتفقوا على أنه يجب على كل مسلم عاقل بالغ مقيم قادر على الصوم، خال عن حيض ونفاس فلو صامت الحائض والنفساء لم يصح، ويلزمهما القضاء. وأنه يباح للحامل والمرضع الفطر إذا خافتا على أنفسهما وولديهما، فلو صامتا صح. فإن أفطرتا خوفا على الولد لزمهما القضاء والكفارة عند الشافعي وأحمد. وقال أبو حنيفة: لا كفارة عليهما. وقال مالك: تجب على المرضع دون الحامل. وقال ابن عمر وابن عباس – رضي الله عنهم-: تجب الكفارة دون القضاء. واتفقوا على أن المسافر والمريض الذي يرجى برؤه يباح لهما الفطر، وإن صاما صح، وإن تضررا كره الصوم. وقال داود: لا يصح الصوم في السفر. وقال الأوزاعي: الفطر أفضل مطلقا. ومن أصبح صائما ثم سافر لم يجز له الفطر عند الثلاثة. وقال أحمد: يجوز. واختاره المزني من الشافعية. وإذا قدم المسافر مفطرا، أو برئ المريض، أو بلغ الصبي، أو أسلم الكافر، أو طهرت الحائض في أثناء النهار لزمهم إمساك بقية النهار عند أبي حنيفة. وقال مالك والشافعي: يستحب. وإذا أسلم المرتد وجب عليه قضاء ما فاته في حال ردته عند الثلاثة. وقال أبو حنيفة: لا يجب. واتفقوا على أن الصبي الذي لا يطيق الصوم، والمجنون غير مخاطبين به، لكن يؤمر الصبي به لسبع ويضرب عليه لعشر فلو أفاق المجنون لم يجب عليه قضاء ما فاته عند أبي حنيفة والشافعي. وقال مالك: يجب القضاء عليه. وعن أحمد روايتان. وأما المريض الذي لا يرجى برؤه، والشيخ الكبير فإنه لا صوم عليهما، بل تجب الفدية عند أبي حنيفة. وهو الأصح من مذهب الشافعي. قال أبو حنيفة: يطعم عن كل يوم نصف صاع من بر أو تمر. وقال الشافعي: عن كل يوم مد. وقال مالك: لا صوم ولا فدية. وهو قول للشافعي. وقال أحمد: يطعم نصف صاع من تمر أو من شعير، أو مداً من بر. واتفقوا على أن صوم رمضان يجب برؤية الهلال أو بإكمال شعبان ثلاثين يوما. واختلفوا فيما إذا حال غيم بعد كمال الثلاثين من شعبان: فقال الثلاثة: لا يجب الصوم. وعن أحمد: الوجوب، ويتعين عليه أن ينويه من رمضان حكما. وتثبت الرؤية في الصحو بشهادة جمع عند أبي حنيفة، وفي الغيم بعدل واحد رجلا كان أو امرأة، حرا أو عبدا. وقال مالك: العبد والمرأة لا يقبلان. وعن الشافعي، وأحمد: يقبل عدل واحد. ولا يقبل في هلال شوال واحد بالاتفاق. وقال أبو ثور: يقبل. ومن رأى هلال رمضان وجب عليه الصوم، فإن رأى هلال شوال أفطر سرا. وقال الحسن وابن سيرين: لا يجب عليه الصوم برؤيته وحده. ولا يصح صوم يوم الشك عند الثلاثة. وقال أحمد: إن كانت السماء مصحية كره، وإن كانت مغيمة وجب. وإذا رؤي الهلال ببلد وجب على أهله ومن قرب منهم الصوم دون البعيد عنهم بمسافة القصر عند الشافعي، وللعارف بالحساب أن يعمل بحسابه عند الشافعي. واتفقوا على أن صوم رمضان لا يصح إلا بالنية. وقال زفر من الحنفية: لا يفتقر صوم رمضان إلى النية. ويروى ذلك عن عطاء. واختلفوا في تعيين النية: فقال الثلاثة: لا بد من التعيين. وقال أبو حنيفة: لا يجب التعيين، بل لو نوى صوما مطلقا أو نفلاً جاز. واختلفوا في وقتها: فقال الثلاثة: وقتها في صوم رمضان ما بين غروب الشمس إلى طلوع الفجر. وقال أبو حنيفة: لا يشترط تبييت النية، فتصح النية عنده ولو قبل نصف النهار على الأصح، ونصف النهار من طلوع الفجر إلى الضحوة. ويصح عنده بمطلق النية، وبنية النفل ولو كان مسافرا أو مريضاً في الأصح. وأن الكذب والغيبة والشتم لا يبطل الصوم بالاتفاق. وقال الأوزاعي: يبطل صومه بذلك. واتفقوا على وجوب القضاء على من أكل ظناً أن الشمس غابت وأن الفجر لم يطلع ثم بان خلافه. وإذا ذرعه القيء لم يفطر بالاتفاق. وقال الحسن: يفطر. ولو بقي بين أسنانه طعام فجرى به ريقه لم يفطر إن عجز عن مجّه، فإن ابتلعه أفطر عند الثلاثة. وقال أبو حنيفة: لا يبطل صومه. وقدّره بعضهم بالحمصة. والحقنة تفطر، إلا في رواية عن مالك. وبذلك قال داود. والتقطير في باطن الأذن والإحليل يفطر عند الشافعي وكذا الاستعاط. والحجامة لا تفطر عند الثلاثة. وقال أحمد: يفطر الحاجم والمحجوم. ومن أكل شاكاً في طلوع الفجر ثم بان أنه طلع بطل صومه بالاتفاق. وقال عطاء وداود: لا قضاء عليه. وقال مالك: يقضي في الفرض. ولا يكره الاكتحال عند أبي حنيفة والشافعي. وقال مالك وأحمد: يكره. وإذا وجد طعم الكحل في حلقه أفطر عندهما. وقال ابن أبي ليلى، وابن سيرين: الاكتحال يفطر. واتفقوا على أن من وطيء في نهار رمضان عامدا مختارا كان عاصيا، وبطل صومه، ولزمه إمساك بقية النهار، وعليه الكفارة، وهي: عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا، فهي على الترتيب عند الثلاثة. وقال مالك: هي على التخيير، والإطعام عنده أولى. وهي على الزوج فقط عند الشافعي وأحمد. وقال أبو حنيفة [ومالك: على كل واحد منهما كفارة]. [فإن وطئ في يومين لزمه كفارتان عند مالك والشافعي. وقال أبو حنيفة ]: إن كفر عن الأول لزمه كفارة للثاني، وإلا فكفارة واحدة. فإن تعدّد الوطء في يوم لزمه كفارة واحدة عند الثلاثة. وقال أحمد: إن كفر عن الوطء الأول لزمه كفارة للثاني وهكذا. وأجمعوا على أن الكفارة لا تجب في قضاء رمضان. وقال قتادة: تجب. وأجمعوا على أن الموطوءة مكرهة أو نائمة يفسد صومها وعليها القضاء، ولا كفارة عليها، إلا في رواية عن أحمد. ومن طلع عليه الفجر وهو يجامع إن نزع حالاً صح صومه ولا كفارة عليه عند الشافعي. وقال أبو حنيفة: صح صومه وعليه الكفارة. وقال أحمد: عليه القضاء والكفارة. فإن استدام لزمه القضاء والكفارة إجماعا. والقُبلة في الصوم محرمة عند أبي حنيفة، والشافعي في حق من تتحرك شهوته. وقال مالك: هي محرمة مطلقا. وقال أحمد: فسد صومه وعليه كفارة. ولو نظر بشهوة فأنزل لم يبطل صومه عند الثلاثة. وقال مالك: يبطل. ويجوز للمسافر الفطر [بالأكل والجماع عند الثلاثة. وقال أحمد: لا يجوز له الفطر] بالجماع فإن جامع لزمه الكفارة عنده. وأجمعوا على أن من أكل أو شرب في نهار رمضان عامدا لزمه الإمساك والقضاء، واختلفوا في وجوب الكفارة: فقال أبو حنيفة ومالك: عليه الكفارة. وقال الشافعي وأحمد: لا كفارة عليه. فإن أكل أو شرب ناسيا لا يفسد صومه عند الثلاثة. وقال مالك: يفسد صومه وعليه القضاء. واتفقوا على أن القضاء يحصل بصوم يوم. وقال ربيعة: لا يحصل إلا باثني عشر يوما. وقال ابن المسيب: يصوم عن كل يوم شهرا. وقال النخعي: لا يقضي إلا بألف يوم. وقال علي وابن مسعود – رضي الله عنهما – لا يجزئه صوم الدهر. ومن أكل، أو شرب، أو جامع ناسيا لم يبطل صومه عند أبي حنيفة والشافعي. وقال مالك: يبطل بالجماع دون الأكل والشرب [وتجب به الكفارة عنده]. [ولو أكره الصائم حتى أكل أو شرب، أو أكرهت المرأة حتى مكنت من الوطء فهل يبطل الصوم؟ قال مالك: يبطل. وللشافعي قولان: أصحهما البطلان عند الرافعي. وقال النووي: الأصح عدم البطلان. وقال أحمد: يفطر بالجماع دون الأكل والشرب]. ولو سبق ماء المضمضة والاستنشاق إلى جوفه من غير مبالغة: قال أبو حنيفة ومالك: يفطر. وقال الشافعي وأحمد: لا يفطر. ولو أغمي عليه جميع النهار لم يصح صومه بالاتفاق ومن نام جميع النهار صح صومه بالاتفاق. وعن الإصطخري من الشافعية: [أن صومه يبطل ]. [ومن فاته شيء من رمضان لم يجز] له تأخير قضائه، فإن أخر بلا عذر حتى دخل آخر أثم ولزمه مع القضاء الكفارة للتأخير عند الثلاثة. وقال أبو حنيفة: يجوز التأخير و لا كفارة عليه، واختاره المزني من الشافعية. فإن مات قبل إمكان القضاء فلا حرمة عليه بالاتفاق. وقال طاووس وقتادة: عليه الكفارة. وإن مات بعد التمكن وجبت الكفارة عند أبي حنيفة [ومالك، لكن قال مالك: لا يلزم الولي أن يخرج عنه إلا أن] يوصي به. وقال الشافعي: يصوم عنه وليه. وقال أحمد: إن كان صوم نذر صام عنه وليه وإلا أطعم عنه. ويستحب لمن صام رمضان أن يتبعه بست من شوال عند الثلاثة. وقال مالك: لا يستحب. واتفقوا على صوم الثلاثة الأيام البيض وهي الثالث والرابع والخامس عشر. واختلفوا في أفضل الأعمال بعد الفريضة: فقال أبو حنيفة ومالك: أعمال البر ثم الجهاد. وقال الشافعي: طلب العلم. وقال أحمد: الجهاد. ومن شرع في صلاة، أو صومِ تطوعٍ استحب له الإتمام عند الشافعي وأحمد، وله قطعها ولا قضاء عليه. وقال أبو حنيفة ومالك: يجب الإتمام. ولا يكره إفراد يوم الجمعة بصوم تطوع عند الثلاثة. وقال أحمد وأبو يوسف: يكره. ولا يكره السواك في الصوم عند الثلاثة. وقال الشافعي: يكره بعد الزوال، واختار النووي عدم الكراهة، والله أعلم.
اتفقوا على أن الاعتكاف مشروع، وأنه مستحب في كل وقت، وفي العَشر الأواخر من رمضان أفضل لرجاء ليلة القدر، وهي في رمضان عند الثلاثة. وقال أبو حنيفة: هي في سائر السنة. وقال الشافعي: أرجاها ليلة الحادي أو الثالث والعشرين. وقال مالك: هي في أفراد العشر الأخير. وقال أحمد: هي ليلة السابع والعشرين. ولا يصح الاعتكاف إلا بالمسجد عند الشافعي ومالك. وقال أبو حنيفة: لا بد من مسجد تقام فيه الجمعة. وقال حذيفة – رضي الله عنه: لا يصح إلا في المساجد الثلاثة: المكي والمدني والمقدسي. و لا يصح اعتكاف المرأة في مسجد بيتها عند الثلاثة. وقال أبو حنيفة: الأفضل اعتكافها بمسجد بيتها. وإذا أذن لزوجته في الاعتكاف وتلّبست به، هل له منعها من إتمامه؟: قال أبو حنيفة ومالك: ليس له ذلك. وقال الشافعي: له ذلك. واتفقوا على أنه لا يصح إلا بالنية. وهل يصح بغير صوم؟ عند الثلاثة: لا يصح وقال الشافعي: يصح. وليس له زمان مقدر عند الشافعي وأحمد. وقال أبو حنيفة ومالك: أقله يوم. ولو نذر شهراً بعينه لزمه متواليا، فإن أخلّ بيوم قضى ما تركه بالاتفاق، إلا في رواية عن أحمد يلزمه الاستئناف. ولو نذر اعتكاف شهرٍ ما: قال الشافعي ومالك: يلزمه التتابع. وعن أحمد: روايتان. ولو نوى اعتكاف يومٍ معيّن دون ليلة صح عند الثلاثة. وقال مالك: لا بد من إضافة الليلة له. ولو نذر اعتكاف يومين متتابعين لم يلزمه اعتكاف الليلة بينهما عند الثلاثة. وقال أبو حنيفة: يلزمه اعتكاف يومين وليلتين. وإذا خرج المعتكف لقضاء حاجته من بول وغائط، أو للأكل والشرب لا يبطل اعتكافه إلا أن يكون أكثر من نصف يوم. ولو اعتكف بغير الجامع وحضرت الجمعة، وجب عليه الخروج إليها بالإجماع. وهل يبطل أم لا؟: قال أبو حنيفة ومالك: لا يبطل. وللشافعي قولان: أصحهما البطلان إلا أن يشترطه في اعتكافه. وإذا عرض له عيادة مريض، وتشييع جنازة جاز له الخروج، ولا يبطل اعتكافه عند الشافعي وأحمد. وقال أبو حنيفة ومالك: يبطل. ولو باشر المعتكف في الفرج عمداً بطل اعتكافه بالإجماع ولا كفارة [عليه. وعن الحسن البصري والزهري: يلزمه كفارة] يمين. ولو وطئ ناسيا الاعتكاف فسد عند الثلاثة. وقال الشافعي: لا يفسد. ولو باشر فيما دون الفرج بشهوة بطل اعتكافه إن أنزل. ولا يكره للمعتكف الطيب ولبس رفيع الثياب عند الثلاثة. وقال أحمد: يكره. ويكره الصمت بالإجماع. قال الشافعي: لو نذر الصمت في اعتكافه تكلم ولا كفارة عليه. ويستحب للمعتكف الصلاة والذكر والقراءة بالإجماع. واختلفوا في قراءة القرآن والحديث: فقال مالك وأحمد: لا يستحب. وقال أبو حنيفة والشافعي: يستحب. وأجمعوا على أن المعتكف لا يتّجر، ولا يكتسب بالصنعة مطلقا. والله سبحانه وتعالى أعلم.
أجمعوا على أن الحج أحد أركان الإسلام، وأنه فرض على كل مسلم حر، بالغ، عاقل، مستطيع في العمر مرة. واختلفوا في العمرة: فقال أبو حنيفة ومالك: هي سنة. وقال الشافعي وأحمد: فرض. ويجوز فعل العمرة في كل وقت بلا كراهة عند الثلاثة. وقال مالك: يكره أن يعتمر في السَّنة مرتين. وقال بعض أصحابه: يعتمر في كل شهر مرة. والمستحب لمن عليه الحج أن يبادر إلى فعله، فإن أخّره جاز عند الشافعي. وقال الثلاثة: يجب على الفور. ومن وجب عليه الحج فلم يحج حتى مات قبل التمكن سقط عنه الفرض بالاتفاق، وبعد التمكن لم يسقط عند الشافعي وأحمد، ويجب أن يحُج عنه من رأس ماله سواء أوصى به أو لم يوص كالدين. وقال أبو حنيفة ومالك: يسقط عنه بالموت ولا يلزم ورثته أن يحجوا عنه إلا أن يوصي به ويحج عنه من ثلث المال. واختلفوا في من ناب عنه، هل يحرم بالحج من دويرة أهله؟: قال أبو حنيفة وأحمد: من دويرة أهله. وقال مالك: من حين أوصى. وقال الشافعي: من الميقات. وأجمعوا على أن الصبي لا يجب عليه الحج، ولا يسقط عنه بحجة قبل البلوغ، ويصح بإذن وليه عند الثلاثة إن كان مميزا وإلا أحرم عنه وليه. وقال أبو حنيفة: لا يصح إحرام الصبي بالحج. وشرط وجوب الحج الاستطاعة بالزاد والراحلة، فإن لم يجدها وقدر على المشي وله صنعة يكتسب منها استحب له الحج بالاتفاق. وإن احتاج إلى مسألة الناس كره له الحج. وقال مالك: إن كان له عادة بالسؤال وجب عليه الحج. ومن استؤجر لخدمة أجزأه حجه عند الثلاثة، خلافاً لأحمد. ومن غَصَبَ مالا وحج به، أو دابة يحج عليها صح حجه عند الثلاثة، خلافا لأحمد. ولا يلزمه بيع المسكن للحج بالاتفاق. ولو كان معه مال يكفيه للحج وهو محتاج إلى شراء مسكن فله شراء المسكن. وقال الغزالي: يصرفه للحج. ويشترط أمن الطريق فلو كان يعلم أنه لو سافر يحصل له خفارة في الطريق لا يجب عليه الحج عند الثلاثة. وقال مالك: إن كانت الخفارة يسيرة لا يسقط عنه. وهل يجب الحج في البحر إذا غلبت السلامة؟: قال الثلاثة: يجب. وللشافعي قولان: أصحهما الوجوب. ولا يلزم المرأة حج حتى يكون معها من تأمن به على نفسها من زوج أو محرم، بل قال أبو حنيفة وأحمد: لا يجوز لها الحج إلا معهما. وقال مالك: يجوز لها الحج في جماعة النساء. وقال الشافعي: إذا كانت مع امرأتين ثقتين. ومن عُضِب عن الحج لهرم أو مرض، ووجد أجرة من يحج عنه لزمه الحج عند الثلاثة. وقال مالك: المعضوب لا يجب عليه الحج. وإذا استأجر من يحج عنه وقع الحج عن المحجوج عنه بالاتفاق. والأعمى إذا وجد قائداً لزمه الحج عند الثلاثة. وقال أبو حنيفة: لا يلزمه. وتجوز النيابة في حج الفرض عن الميت بالاتفاق، وفي حج التطوع خلاف: قال أبو حنيفة ومالك: يصح. وقال الشافعي: لا يصح. ولا يحج عن غيره إلا إذا أسقط فرض الحج عنه، فإن كان عليه فرض انصرف إلى فرض نفسه عند الشافعي وأحمد في أحد روايتيه. والثانية: لا ينعقد إحرامه لا عن نفسه ولا عن غيره. وقال أبو حنيفة ومالك: يجوز مع الكراهة. ومن عليه الفرض لا يجوز له أن يتطوع بالحج، فإن فعل انصرف للفرض عند الشافعي وأحمد. وقال أبو حنيفة ومالك: يجوز أن يتطوع بالحج قبل أداء الفرض، وينعقد إحرامه بما قصده. والإجارة على الحج جائزة بلا كراهة عند الشافعي. وقال مالك بالكراهة. ومنعها أبو حنيفة. ويجوز للآ فاقي القران أو التمتع أو الإفراد بالاتفاق. واختلفوا في المكي: فقال أبو حنيفة: يكره له التمتع والقران. واختلفوا في الأفضل: فقال أبو حنيفة: القران أفضل من التمتع للآفاقي ثم الإفراد. وقال مالك والشافعي: الإفراد أفضل مطلقا. وقال أحمد: التمتع أفضل. ولا يجوز إدخال الحج على العمرة بعد الطواف بالاتفاق، وأما إدخال العمرة على الحج فأجازه أبو حنيفة ومالك. ومنعه أحمد. وللشافعي قولان. ويجب على المتمتع إذا لم يكن من حاضري المسجد الحرام وكذا على القارن دم بالاتفاق. وقال داود وطاووس: لا دم على القارن. وقال الشعبي: على القارن بدنة. واختلفوا في حاضري المسجد الحرام: فقال الشافعي وأحمد: إذا كان فيه على مسافة لا تقصر فيها الصلاة. وقال أبو حنيفة: من كان دون الميقات إلى الحرم. وقال مالك: هم أهل مكة وذي طوى. ويجب على المتمتع دم بالإحرام بالحج عند أبي حنيفة والشافعي. وقال مالك: يرمي جمرة العقبة. واختلفوا في وقت جواز إخراجه: فقال أبو حنيفة ومالك: لا يجوز ذبح الهدي قبل يوم النحر. وقال الشافعي: بعد الفراغ من العمرة. وإذا لم يجد الهدي في موضعه انتقل إلى الصوم، وهو ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله. ولا يصوم الثلاثة إلا بعد الإحرام بالحج عند مالك والشافعي. وقال أبو حنيفة وأحمد في إحدى الروايتين: إذا أحرم بالعمرة جاز له صومها. وهل يصومها في أيام التشريق؟ قال الشافعي وأبو حنيفة: لا يجوز. وقال مالك وأحمد: يجوز. ولا يفوت صومها بفوت يوم عرفة، إلا عند أبي حنيفة فإنه يسقط صومها ويستقر الهدي في ذمته. ولا يجب بتأخير صومها غير القضاء. وقال أحمد: إن أخره بلا عذر لزمه دم ؟ وإذا وجد الهدي [وهو في صومها استحب له الانتقال إلى الهدي] عند الثلاثة. وقال أبو حنيفة: يلزمه ذلك. وأما صوم السبعة، ففي وقتها للشافعي قولان: أصحهما: إذا رجع إلى أهله، وهو قول أحمد. والثاني: الجواز قبل الرجوع. وهل يصوم إذا خرج من مكة؟: قال مالك بذلك. [وإذا فرغ من أعمال الحج، وبه قال أبو حنيفة ]. وإذا فرغ المتمتع من أعمال العمرة صار حلالاً، سواء ساق الهدي أو لم يسقه عند مالك والشافعي. وقال أبو حنيفة، وأحمد: إن كان ساق الهدي لم يجز له التحلل إلى يوم النحر، فيستمر على إحرامه، ويحرم بالحج على العمرة فيصير قارنا ثم يتحلل منهما.
المواقيت قسمان: زمانية ومكانية. فالزمانية شوال والقعدة وعشر ليال من ذي الحجة عند الشافعي، فلا يدخل يوم النحر عنده. وقال أبو حنيفة وأحمد: يدخل يوم النحر. وقال مالك: شهر ذي الحجة. فإن أحرم بالحج في غير أشهره انعقد عمرة عند الشافعي. وقال الثلاثة: ينعقد حجه مع الكراهة. وقال داود: لا ينعقد أصلا. وأما المكانية فميقات المكي نفس مكة. ومن كان داره بعيدا عن الميقات فإن شاء أحرم من داره، وإن شاء من الميقات بالاتفاق. واختلفوا في الأفضل: فقال أبو حنيفة: الإحرام من داره أفضل، وهو الأصح عند الشافعي. ومن بلغ ميقاتا لم يجز له مجاوزته بلا إحرام، فإن فعل لزمه العود إليه ليحرم منه بالاتفاق. وقال النخعي والحسن البصري: الإحرام من الميقات غير واجب. وإذا امتنع عليه العود لخوف أو ضيق وقت لزمه دم لمجاوزته الميقات بالاتفاق. وقال سعيد بن جبير: لا ينعقد إحرامه. ومن دخل مكة غير محرم لم يلزمه القضاء عند الثلاثة. وقال أبو حنيفة: يلزمه، إلا إذا كان مكيا. واختلفوا في تطييب البدن للإحرام: فقال الثلاثة: يستحب، ومنعه مالك. ويكره التطييب في الثوب بالاتفاق. وينعقد الإحرام بالنية عند الثلاثة. وقال أبو حنيفة: بالنية مع التلبية أو سوق الهدي. وقال داود: ينعقد بالتلبية. والتلبية سنة عند الشافعي وأحمد. وقال مالك: إن ترك التلبية وجب عليه دم. وتنقطع التلبية عند جمرة العقبة عند الثلاثة. وقال مالك: بعد زوال يوم عرفة.
يَحْرُم على المحرم عشرة أشياء بالاتفاق: لبس المخيط، والجماع ومقدماته، والتزوج وقتل [الصيد] واستعمال الطيب، وإزالة الشعر والظفر، ودهن الرأس واللحية. والمرأة في ذلك كالرجل إلا أنها تلبس المخيط، وتستر رأسها دون وجهها. واختلفوا هل للمحرم أن يستظل تحت مَحْمِل أو غيره؟ قال أبو حنيفة والشافعي: يجوز. وقال مالك وأحمد: لا يجوز، فإن فعل لزمه دم عندهما. وإذا لبس القباء على كتفيه ولم يدخل يديه في كميه وجب عليه فدية عند الثلاثة. وقال أبو حنيفة: لا فدية عليه. ومن لم يجد إزاراً جاز له لبس السروال ولا فدية عليه عند الشافعي وأحمد. وقال أبو حنيفة ومالك: عليه الفدية. ومن لم يجد النعلين جاز له لبس الخفين، ويقطع أسفل الكعبين عند الثلاثة. وقال أحمد: لا يجوز لبسهما بلا قطع. وهل عليه فدية ؟: قال أبو حنيفة: يلزمه فدية. ويجوز أن يجعل الطيب في ظاهر ثوبه دون بدنه، وفي طعامه، وأن يتبخر بالعود والند عند أبي حنيفة، ولا فدية في أكله، وإن ظهر ريحه، ووافقه مالك على ذلك. وتحرم الأدهان الطيبة كالورد والياسمين، ويجب فيه الفدية، وأما غير الطيبة كالشيرج فيحرم استعماله في الرأس واللحية. وقال أبو حنيفة: يحرم استعماله في جميع البدن. وقال مالك: لا يدهن بالشيرج الأعضاء الظاهرة كالوجه واليدين والرجلين. وقال الحسن بن صالح: يجوز استعماله في جميع البدن والرأس واللحية. ولا يجوز للمحرم أن يعقد نكاحا لنفسه أو غيره، ولا أن يوكّل فيه بالإجماع، فإن فعل لم ينعقد عند الثلاثة. وقال أبو حنيفة: ينعقد. ويجوز له مراجعة زوجته عند الثلاثة. وقال أحمد: لا يجوز. وإذا قتل صيدا وجب الجزاء والقيمة لمالكه إن كان مملوكا عند أبي حنيفة والشافعي. وقال مالك وأحمد: لا جزاء في المملوك. وإذا دلّ على الصيد من قتله حرم على الدال ولا جزاء عليه عند مالك والشافعي. وقال أبو حنيفة: يجب على كل منهما جزاء كاملا، حتى لو كان الدال جماعة وجب على كل واحد جزاء. ويحرم على المحرم أكل الصيد، فإن كان الصيد غير مأكول [ولا متولد من مأكول] لم يحرم قتله على المحرم. وقال أبو حنيفة: يحرم على المحرم قتل كل وحشي، ويجب بقتله الجزاء إلا الذئب. والمحرم لو تطيب ناسيا أو جاهلا بالتحريم لا كفارة عليه عند الشافعي. وقال أبو حنيفة ومالك: عليه الكفارة. ولو لبس قميصا ناسيا ثم تذكر فينزعه حالاً من رأسه بالاتفاق. وقال بعض الشافعية: يشقه. ولو حلق شعرا أو قلم ظفرا ناسيا أو جاهلا لزمه الكفارة إلا في قول للشافعي، ولا يفسد حجه، وهو الراجح. ويجوز للمحرم حلق رأس الحلال وقلم ظفره ولا شيء عليه عند الثلاثة. وقال أبو حنيفة: لا يجوز ذلك وعليه صدقة. ويجوز للمحرم أن يغسل بالسدر عند الثلاثة. وقال أبو حنيفة: لا يجوز ويلزمه الفدية. وإن حصل على بدنه وسخ جاز له إزالته. وقال مالك: يلزمه صدقة. ويكره [للمحرم الاكتحال بالإثمد ]. وقال ابن المسيب: يمتنع. ولا شيء في الفصد والحجامة عند الثلاثة. وقال مالك: فيه الصدقة. واتفقوا على أن الحلق فيه الفدية، وأنها على التخيير بين ذبح شاة، أو إطعام ستة مساكين لكل مسكين مد، أو صيام ثلاثة أيام. واختلفوا في القدر الذي تجب به الفدية: فقال أبو حنيفة: حلق ربع رأسه. وقال مالك: حلق ما يحصل به إماطة الأذى عن الرأس. وقال الشافعي: ثلاث شعرات. وعن أحمد، روايتان: أحدهما: كالشافعي. والثانية: كأبي حنيفة. وإذا حلق نصف رأسه بالغداة، والنصف الآخر بالعشي وجب كفارتان عند الشافعي، وأحمد. وقال أبو حنيفة: إذا كانت المحظورات غير قتل الصيد، تعددت في مجلس واحد وجب كفارة واحدة، سواء كفّر في الأول أو لم يكفّر، وإن تعدد المجلس تعددت إلا أن يكون التعدد لشيء واحد كمرض. وقال مالك بقول أبي حنيفة في الصيد، وبقول الشافعي في غيره. وإن وطئ المحرم بالحج أو العمرة قبل التحلل الأول فسد نسكه، ووجب المضي في فساده، والقضاء على الفور بالاتفاق، ويلزمه عند الشافعي وأحمد بدنة. وقال أبو حنيفة: إن وطئ قبل الوقوف فسد حجه ولزمه شاة، وإن كان بعده لم يفسد ويلزمه بدنة، وهو ظاهر مذهب مالك كالشافعي. وأن الإحرام لا يرتفع بالوطء بالاتفاق. وقال داود: يرتفع به. وهل يلزمهما أن يُفرّقَا في محل الوطء؟ الظاهر من مذهب أبي حنيفة والشافعي أنه يستحب. وقال مالك وأحمد بوجوبه. وإذا تعدد الوطء ولم يكفّر عن الأول: قال أبو حنيفة: يلزمه شاة سواء كفّر عن الأول أو لا إن لم يتكرر في مجلس واحد. وقال مالك: لا يلزمه بالوطء الثاني شيء. وللشافعي قولان: أحدهما: يجب كفارة ثانية، قيل: بدنة كالأول، وقيل: شاة، والأصح كفارة واحدة. وقال أحمد: إن كفّر عن الأول وجب بالثاني بدنة. وإذا قبّل بشهوة، أو وطئ فيما دون الفرج فأنزل: لم يفسد حجه، ويلزمه بدنة عند الثلاثة. وقال مالك: يفسد، ويلزمه بدنة والقضاء عليه. وإذا قتل صيدا له مثل من النعم لزمه المثل عند مالك والشافعي. وقال أبو حنيفة: يلزمه القيمة. وإذا اشترى الهدي من الحرم وذبحه فيه جاز عند الثلاثة. وقال مالك: لا بد أن يسوقه من الحل إلى الحرم. وإذا اشترك جماعة في قتل صيد لزمهم جزاء واحد عند الثلاثة. وقال أبو حنيفة: يلزم كل واحد جزاء كامل. والحمام وما أشبهه يضمن بشاة [عند الثلاثة. وقال مالك: الحمامة المكية تضمن بشاة]، والمجلوبة من الحل إلى الحرم تضمن بقيمتها، وما هو أصغر من الحمام يضمن بالقيمة بالاتفاق. وقال داود: لا شيء فيه. ويجب على القارن ما يجب على المفرد فيما يرتكبه عند الثلاثة. وقال أبو حنيفة: يجب عليه كفارتان، وفي قتل الصيد الواحد جزءان، فإن فسد إحرامه لزمه القضاء والكفارة، وهي: دمان، واحد للقران وواحد للإفساد. وبه قال أحمد. والحلال إذا أخذ صيدا من الحل إلى الحرم كان له ذبحه والتصرف فيه عند الثلاثة. وقال أبو حنيفة: لا يجوز. ويحرم قطع شجر الحرم بالاتفاق، ويضمن بالجزاء عند الشافعي، ففي الشجرة الكبيرة بقرة، وفي الصغيرة شاة. وقال أبو حنيفة: إن قطع ما أنبته الآدميون فلا شيء عليه، وإن قطع ما أنبته الله كان عليه الجزاء. ويحرم قطع حشيش الحرم لغير الدواء، والعلف بالاتفاق. ويجوز قطعه للدواء وعلف الدواب عند الثلاثة. وقال أبو حنيفة: لا يجوز. وقتل صيد حرم المدينة حرام، وكذا قطع شجره، وهل يضمن أم لا؟ للشافعي قولان، الصحيح: أنه يضمن. والثاني: لا يضمن، وهو مذهب أبي حنيفة. والدم الواجب للإحرام لا يختص بمكان.
من دخل مكة – شرفها الله – لا لنسكٍ بل لزيارة أو تجارة، هل يجب عليه أن يحرم بحج أو عمرة، أو يسن له ذلك؟ للشافعي قولان: أصحهما: أنه مستحب. والثاني: واجب إلا أن يتكرر دخوله كحطاب أو صياد. وقال أبو حنيفة: لا يجوز لمن وراء الميقات أن يدخل الحرم إلا محرما، وأما من دونه فيجوز دخوله بغير إحرام. وقال ابن عباس – رضي الله عنهما-: لا يجوز لأحدٍ أن يدخل الحرم بغير إحرام. وداخل مكة مخير إن شاء دخلها ليلا أو نهارا بالاتفاق. وقال النخعي وإسحاق: دخولها ليلا أفضل. ويستحب الدعاء عند رؤية البيت ورفع اليدين فيه، والإمام مالك لا يرى ذلك. وطواف القدوم سنة عند الثلاثة. وقال مالك: إن تركه مطيقا لزمه دم. وشرط الطواف: الطهارة وستر العورة عند الثلاثة. وقال أبو حنيفة لا يشترط. [والترتيب في الطواف واجب عند الثلاثة ]. [وقال أبو حنيفة] يصح من غير ترتيب، ويعيد ما دام بمكة، فإن خرج إلى بلد، لزمه دم. وقال داود: إذا نسيه أجزأ ولا دم عليه. وتقبيل الحجر والسجود عليه سنة. وقال مالك: السجود عليه بدعة. والركن اليماني يستلمه بيده ويقبلها عند الشافعي و لا يقبله. وقال أبو حنيفة: لا يستلمه. وهو قول مالك. وروى الخرقي عن أحمد: أنه يقبله. والركنان الشاميان لا يستلمان. وعن ابن عباس، وابن الزبير وجابر – رضي الله عنهم – استلامهما. ويستحب الرمل والاضطباع [عند الثلاثة. وقال مالك: الاضطباع غير معروف]. [وإذا ترك الرمل والاضطباع] لا شيء عليه بالاتفاق. وقال الحسن البصري والثوري: يلزمه دم. والقراءة مستحبة، وكرهها مالك. ومن أحدث حال الطواف تطهر وبنى. وللشافعي قولان بالبناء والاستئناف. وركعتا الطواف واجبتان عند أبي حنيفة. وهو قول للشافعي. وقال أحمد: واجب يجبر بدم. و[لما لك] قولان. الأول: واجب. والثاني: مستحب. ولا بد أن يبدأ بالصفا ويختم بالمروة، فإن عكس لا يعتد به عند الثلاثة. وقال أبو حنيفة: لا حرج عليه. ويستحب أن يجمع في الوقوف بعرفة بين الليل والنهار عند الثلاثة. وقال مالك: يجب. والمشي والركوب سواء عند الثلاثة. وقال أحمد: الركوب أفضل. والميت بمزدلفة سنة بالاتفاق. وقال الشعبي والنخعي: ركن. ويجمع بين المغرب والعشاء بالإجماع، فلو صلى كل وقت منهما في وقته جاز عند الثلاثة. وقال أبو حنيفة: لا يجزئه ذلك. والرمي واجب بالاتفاق، ولا يجوز بغير الحجارة عند الثلاثة. وقال أبو حنيفة: يجوز بكل ما هو من جنس الأرض. وقال داود: يجوز بكل شيء. ويستحب الرمي بعد طلوع الشمس بالاتفاق، فإن رمى بعد نصف الليل جاز عند الشافعي، وأحمد. وقال أبو حنيفة ومالك: لا يجوز الرمي إلا بعد طلوع [الفجر. وقال مجاهد والنخعي والثوري: لا يجوز إلا بعد طلوع] الشمس. ويقطع التلبيه مع أول حصاة من رمي جمرة العقبة عند الثلاثة. وقال مالك: يقطعها بعد الزوال من يوم عرفة.
أفعال يوم النحر أربعة: الرمي، والنحر، والحلق، والطواف. والمستحب عند الثلاثة أن يأتي بها على الترتيب. وقال أحمد: الترتيب واجب. والأفضل حلق جميع الرأس واختلفوا في الواجب: فقال أبو حنيفة: الربع. وقال مالك: الكل، والأكثر من أصحابه ثلاث شعرات. وهو قول الإمامين. ويبدأ الحالق بالشق الأيمن. وقال أبو حنيفة بالأيسر. ومن لا شعر برأسه يسن له إمرار الموسى. وقال أبو حنيفة: لا يستحب. ويستحب سوق الهدي وإشعاره في صفحة سنامه الأيمن عند الشافعي وأحمد. وقال مالك: في الجانب الأيسر. وقال أبو حنيفة: الإشعار محرم. ويستحب تقليد الإبل والغنم نعلين عند الثلاثة. وقال مالك: لا يستحب تقليد الغنم. وإذا كان الهدي تطوعا فهو باق على ملك مالكه بالاتفاق، يتصرف فيه إلى أن ينحره، وإن كان منذورا زال ملكه عنه وصار للمساكين فلا يباع ولا يبدل عند الثلاثة. وقال أبو حنيفة: يجوز. وما وجب من الدماء لا يؤكل منه عند الشافعي، وأحمد. وقال أبو حنيفة: يؤكل من دم القران والتمتع. وقال مالك: يؤكل من جميع الدماء الواجبة إلا دم الصيد وفدية الأذى. ويكره الذبح ليلا. وقال مالك: لا يجوز. وأفضل بقعة الذبح للمعتمر المروة، وللحاج منى. وقال مالك: لا يجوز للمعتمر النحر إلا عند المروة، ولا للحاج إلا بمنى.
وطواف الإفاضة ركن بالاتفاق. وأول وقته من نصف ليلة النحر، وأفضله من ضحوة النحر إلى آخره. وقال أبو حنيفة: أول وقته طلوع الفجر الثاني وآخره ثاني أيام التشريق، فإن أخره إلى الثالث لزمه دم. ورمي الجمار الثلاث من واجبات الحج بالاتفاق. وقال ابن الماجشون: رمي جمرة العقبة ركن لا يتحلل من الحج إلا بالإتيان به. ويبدأ بالتي تلي مسجد الخيف، ثم الوسطى، ثم جمرة العقبة. وقال أبو حنيفة: إن رمى منعكساً أعاد، فإن لم يفعل فلا شيء عليه. ويستحب أن يخطب الإمام في ثاني أيام التشريق عند الثلاثة. وقال أبو حنيفة: لا يستحب. وله أن ينفر في اليوم الثاني ما لم تغرب الشمس. وقال أبو حنيفة: ما لم يطلع الفجر. وإذا حاضت المرأة قبل طواف الإفاضة لم تنفر حتى تطهر وتطوف، ولا يلزم الجمّال حبس الجمال لها، بل ينفر مع الناس ويركب غيرها مكانها عند الشافعي وأحمد. وقال مالك: يلزم الجمّال أكثر مدة الحيض. وعند أبي حنيفة: أن الطواف لا يشترط فيه الطهارة فتنفر مع الجماعة. وطواف الوداع من واجبات الحج على المشهور، فمن أقام فلا وداع عليه. وقال أبو حنيفة: لا يسقط إلا بالإقامة. ومن أحصره العدو عن الوقوف، أو الطواف أو السعي، وكان يمكنه الوصول لذلك من طريق آخر لزمه سلوكه، بَعُدَ أو قرب ولم يتحلل. وقال أبو حنيفة: إن أحصر عن الوقوف والمبيت جميعا فله التحلل، أو أحدهما فلا يتحلل. وقال ابن عباس – رضي الله عنهما – لا يتحلل إلا إن كان العدو كافرا. وإذا تحلل لزمه دم. وقال مالك: لا شيء عليه. وإذا تحلل وكان حجة فرضا، هل يجب عليه القضاء؟: للشافعي قولان: أظهرهما: الوجوب. والمشهور عند الثلاثة عدم الوجوب. وحُكِي عن مالك أنه قال: متى أحصر عن الفرض بعد الإحرام سقط عنه. ولا قضاء على المتطوع عند الشافعي، ومالك: وأحمد في إحدى الروايتين. وقال أبو حنيفة: يجب القضاء بكل حال فرضا أو تطوعا ما لم يتحلل. وإذا أحصر بمرض تحلل عند الشافعي إن شرط التحلل به. وقال مالك وأحمد: لا يتحلل بالمرض. وقال أبو حنيفة: يجوز التحلل مطلقا. ومتى أحرم العبد بغير إذن مولاه صح إحرامه، وللسيد تحليله بالاتفاق. وقال داود: لا ينعقد إحرامه. والأمة كالعبد إلا إذا كان لها زوج فيعتبر إذنه مع الولي. وقال محمد: لا يعتبر إذن الزوج. وللمرأة أن تحرم بحجة الإسلام من غير إذن زوجها عند الثلاثة. وللشافعي قولان: أصحهما: المنع. وهل للزوج تحليلها من الفرض؟: للشافعي قولان أظهرهما: أن له ذلك. وقال أبو حنيفة ومالك: ليس له تحليلها. وللزوج منعها من حج التطوع في الابتداء، فإن أحرمت به كان له تحليلها عند الشافعي، والله تعالى أعلم. وهذا آخر ما أردناه، جعله الله من الأعمال المقبولة، المنتفع بها على الدوام، بجاه سيدنا محمد أشرف الأنام، وعلى آله وأصحابه أفضل الصلاة والسلام. وكان الفراغ من تأليفه يوم الثلاثاء المبارك رابع عشر صفر سنة 1162 ألف ومائة واثنتين وستين من الهجرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام. كان الفراغ من تبييض هذه النسخة في يوم الأربعاء المبارك في شهر الحجة 24 من شهور سنة 1181، واحد وثمانين بعد الألف مائة، نقلت من خط المؤلف وقوبلت عليه أيضا، والله أعلم.
|